الأربعاء، 27 يناير 2010

عرض موجز لخاصيتين من خصائص النظم الاسلامية

عرض مختصر لخاصيتين من خصائص النظم الاسلامية
"الثبات وموافقة الفطرة"

اولا:الثبات:
إن مما تميزت به النظم الاسلامية الثبات ،أي انها لاتتغير بمرور الايام ،وتبدل الاحوال،ولا باختلاف الاراء،او فقد الاشخاص لان مصادرها ثابتة و محفوظة وهي القران الكريم والسنة النبوية المطهرة : يقول تعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) ،ويقول _صلى الله عليه وسلم_: (إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَضَ فَرَائِضَ ، فَلاَ تُضَيِّعُوهَا وَحَرَّمَ حُرُمَاتٍ ، فَلاَ تَنْتَهِكُوهَا وَحَدَّ حُدُودًا ، فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَسَكَتَ عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ غَيْرِ نِسْيَانٍ ، فَلاَ تَبْحَثُوا عَنْهَا) .
ومع أن مصادر النظم الاسلامية ثابتة ونصوصها محدودة في الكتاب والسنة الا أنها لبت احتياجات الانسان ومتطلبات حياته التي يعجز البشر عن جمعها ،ويرجع ذلك الى أنها جمعت مع الثبات التطور فلم تغفل جانب المتغيرات التي تطرا على الحياة البشرية،قال تعالى: (وما ارسلناك إلا رحمة للعالمين) ،"والعالمين "لفظ يشمل الزمان والمكان على اقصى اتساع وبلا حدود.
يقول الامام الشاطبي _رحمه الله_: (ثبت أن الشارع قد قصد بالتشريع إقامة المصالح الأخروية والدنيوية، فذلك على وجه لا يختل لها به نظام، لا بحسب الكل ولا بحسب الجزء، وسواء في ذلك ما كان من قبيل الضروريات أو الحاجيات أو التحسينيات، فإنها لو كانت موضوعة بحيث يمكن أن يختل نظامها أو تنحل أحكامها، لم يكن التشريع موضوعا لها، إذ ليس كونها مصالح إذ ذاك بأولى من كونها مفاسد، لكن الشارع قاصد بها أن تكون مصالح على الإطلاق، فلا بد أن يكون وضعها على ذلك الوجه أبديا وكليا وعاما في جميع أنواع التكليف والمكلفين من جميع الأحوال، وكذلك وجدنا الأمر فيها، والحمد لله).
إن ثبات النظم الاسلامية ميزة عظيمة جعلت الطريق مذللا والهدف واضح،فليس امام المسلمين الا الرجوع الى مصادر الدين القويم ليستقوا منها النظم والتشريعات التي تنظم حياتهم وامور معاشهم من خالقهم الذي هو اعلم بهم وبما يصلح دينهم ودنياهم،وشتان بين تشريع رب العالمين وبين تشريعات البشر ونظمهم التي تقوم على العقل البشري المجرد فلا تلبث أن تتغير وتتبدل بتغير الاشخاص والازمان والاجناس فليس لها أساس ثابت يحكمها ولا علم محيط ينظمها فتبارك الله رب العالمين.

ثانيا:موافقة الفطرة:
موافقة النظم الاسلامية للفطرة من أهم مميزاتها، وهي تستمد هذه الخاصية من الرسالة نفسها، فالإسلام دين الفطرة، وهذا لا يعني أن غيره من الأديان التي أنزلها الله لم يكن موافقًا الفطرة، لكنها كانت أديان محدودة ومحصورة في الزمان والمكان؛ ولذلك جاءت موافقتها للفطرة محدودة في موافقتها لفطرة أهلها في زمانهم ومكانهم وحسب ،لكن رسالة الإسلام الخالدة التي ارتضاها الله لخلقه حتى قيام الساعة، ولذلك جاءت شريعته إعجازية في موافقتها للفطرة على امتداد الزمان والمكان وتنوع الأشخاص والأحوال.
إن الله تعالى خالق الفطرة البشرية وهو العلم بما يصلح لها في دنياها واخراها ،فشرع لعباده من النظم ما يوافق فطرتهم ،قال تعالى: (فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم) .
فليس في النظم الاسلامية ما يعارض الفطرة السليمة ويقاومها ،بل إن المتأمل لنصوص القرآن والسنة يجد للعقل مكانا عظيما في الاسلام فان الله _تعالى_خص به البشر وخاطبهم،وجعل العقل هو مناط التكليف وفي النظم الاسلامية ما يحقق الحرية للانسان ويوفر له الكرامة،فإن مخالفة الفطرة في بعض النظم والقوانين أدت إلى ألوان من الفوضى الاجتماعية والخلقية والسياسية، فالنظم الاسلامية موافقة للفطرة ومؤداها هو الفطرة.
لقد خلق الله في الفطرة الإنسانية مجموعة من الدوافع تعين الإنسان على القيام بأمر الله في هذه الحياة وتضمن سلام القطيع الإنساني كله، كدافع الطعام والشراب والملبس والمسكن والجنس والتملك وإثبات الذات، ومع أهمية هذه الدوافع وضروريتها، لكنها تصبح محل خطورة إذا تركت بلا ضابط يضبطها أو قاعدة سوية تحكمها وتنظمها؛

وكانت كيفية التحكم في هذه الدوافع البشرية هي القضية التي شغلت أذهان الفلاسفة والحكماء عبر التاريخ البشري، فبينما رأى بعضهم الاسترقاق لهذه الدوافع واعتبار تحصيلها غاية تسخر لها الوسائل والطاقات، رأى البعض الآخر أن إهمال هذه الدوافع وهجرها هو معيار النجاح وميزانه، وبين هذين المذهبين تشتت جهد البشرية، وأصابها القلق والفصام النفسي، وعاشت لا تهنأ بأي الأمرين اختارت ،فجاءت الشريعة الاسلامية بالوسط بين النقيضين ، فسمحت لهذه الدوافع بالقدر المعقول من الحركة، فلم تعطلها ولم تكبتها من أصولها ، وفي الوقت ذاته تضبط منطلقها فلا تتحول إلى شهوات، فيأخذ الإنسان نصيبه من المتاع الطيب، وينضبط سلوكه في ذات الوقت في الحدود التي لا تعود عليه بالعطب والدمار، وفي الوقت ذاته يعمل على تهذيب هذه الدوافع والارتفاع بها إلى أقصى ما يملك الإنسان من رفعة في حدود كيانه البشري، فلا تصبح شهوات جامحة وإنما رغبات منضبطة بالحدود التي رسمها الله – بعلمه وحكمته – وقال عنها : ( تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا ) . و( تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا ) .










المراجع
اضواء على الشريعة الاسلامية/د.احمد فؤاد محمود/دار اشبيليا الطبعة الاولى 1421هـ
الثبات والتطور في التشريع الاسلامي/اعداد :هدى جميل عمر عمر/رسالة ماجستير من جامعة نابلس بفلسطين 1424هـ

الكتاب : سنن الدارقطني
المؤلف : لأبي الحسن علي بن عمر الدارقطني [306 - 385]
ـــــــــــــــ
تدقيق مكتب التحقيق بمركز التراث للبرمجيات
أرقام هذه النشرة تتفق مع طبعة مؤسسة الرسالة
الكتاب : الموافقات
المؤلف : إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي الشهير بالشاطبي (المتوفى : 790هـ)
المحقق : أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان
الناشر : دار ابن عفان
الطبعة : الطبعة الأولى 1417هـ/ 1997م
عدد الأجزاء : 7
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي]

مقالة الشريعة والفطرة الانسانية لسيد محمود /موقع لواء الشريعة ،على الرابط http://www.shareah.com/index.php?/records/view/action/view/id/1417/

هناك تعليق واحد: